جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعا
وعزَّيتُ قلباً بالكواعب مولعا
وأصبحتُ ودَّعت الصِّبا غير أنني
أُراقب خَلَّاتٍ من العيش أربعا
فمنهن قولي للندامى ترفَّعوا
يداجون نشَّاحاً من الخمر مُترعا
ومنهن ركض الخيل ترجم بالقنا
يبادرن سرباً آمناً أن يُفزَّعا
ومنهن نصُّ العيس والليلُ شاملٌ
تَيَمَّمُ مجهولاً من الأرض بلقعا
خوارجَ من برِّيَّة نحو قرية
يُجدِّدن وصلاً أو يقربن مطمعا
ومنهن سَوفي الخَوْدَ قد بلَّها الندى
تُراقب منظُومَ التمائم مُرْضِعا
يعزُّ عليها ريبتي ويسوءها
بُكاه فتثني الجيد أن يتضوَّعا
بعثتُ إليها والنجومُ طوالعٌ
حذاراً عليها أن تقوم فتُسمعا
فجاءت قطوفَ المشي هائبة السُّرى
يدافع ركناها كواعِبَ أربعا
يُزَجِّينها مشي النَّزيف وقد جرى
صُبَابُ الكرى في مُخِّه فتقطَّعا
تقول وقد جرَّدتُها من ثيابها
كما رعتُ مكحولَ المدامعِ أتلعا:
أجِدَّكَ لو شيءٌ أتانا رسولُهُ
سواك، ولكن لم نجد لَكَ مدفعا
فبتنا نصُدُّ الوحشَ عنا كأنَّنا
قتيلان لم يعلم لنا الناسُ مصرعا
تجافى عن المأثور بيني وبينها
وتُدني عليها السابريَّ المُضلَّعا
إذا أخذتها هِزَّةُ الروع أمسكت
بمنكب مقدامٍ على الهول أروعا